مقال رأي: إثراء التجربة التعليمية باللعب

عندما علمنا عن فتح باب التقديم لمنحة تنمية الأفكار في إطار الدعوة بشأن الاستجابة السريعة، من قبل مركز الابتكار في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، سرعان ما فكّرنا في إمكانية تصميم تطبيق لعبة يتمحور حول تتبع المخالطين للمرضى. لطالما أحببنا فكرة التعلم من خلال اللعب، والتي توضح لنا أن التجربة التعليمية يمكن أن تكون مغامرة مليئة بالتشويق والمتعة.

إن تقديم منصة ألعاب متنقلة لمتابعة المخالطين مع المرضى وفق المبادئ العلمية الأساسية وفي ظل تفشي الجائحة يعد أمرًا هامًا، حيث نأمل أن يتعرّف مستخدمي التطبيق على العلوم المتعلقة بالأوبئة، وكيفية التعرّف على المخالطين، وعالم العدوى المعقد.

في هذا المشروع، استعنتُ بخبرتي في مجال تصميم الوسائط الرقمية، بينما شارك زميلي أنتوا محسن، خبرته في دراسات العلوم والتكنولوجيا، لإعداد أفراد المجتمع وتعزيز مداركهم فيما يتعلق بحالات الطوارئ المستقبلية والمتعلقة بالصحة العامة التي يمكن أن تحدث، وتشجيعهم على الاهتمام بعلم الأوبئة وزيادة معرفتهم العلمية.

خلال عملنا على تطوير اللعبة، قمنا بدعوة الدكتور علي سلطان، أخصائي الأمراض المناعية، للانضمام إلى المشروع، وشعرنا بسعادة غامرة عندما وافق على مشاركتنا تجربته وتقديم المشورة لنا في مجال تخصصه.

أُلهمنا بالفكرة للمرة الأولى عندما شاهدنا فيلم "عدوى" الذي تم عرضه عام 2011، حيث يوضح الفيلم أزمة الوباء وجوانب عدة نعيشها حاليًا في ظل تفشي جائحة "كوفيد-19"، التي أصبحت بين عشية وضحاها واقعًا عالميًا. كانت الفكرة الرئيسية هي تطوير لعبة مليئة بالإثارة والتشويق، ترتكز على شخصيات كيت وينسلت وماريون كوتيا، اللتان كانتا تؤديان دور المحقق في الاستخبارات الوبائية في الفيلم، وكانت مهمتهما الكشف عن المرض.

كما استلهمنا من مفهوم الشخصية الخيالية "لارا كروفت" التي تتوافق مع شخصية "شيرلوك هولمز" الشجاعة اللامعة التي تتعامل مع وباء عالمي خطير، وتبحث حول العالم عن المريض الأول، وتربط بين نقاط متباينة لمواجهة الخوف على المستويين الشخصي والاجتماعي على حد سواء، وكل ذلك أثناء السباق مع الوقت للعثور على حلول لمساعدتهم لإيجاد علاج، مع وجود الكثير من التحديات الأخرى، مثل المخاطر، وضيق الوقت، وشخصيات قاهرة، وألغاز محيرة، وبالطبع ديناميكيات طرق اللعب التي تنشأ عن علم الشبكات.

الشخصية الرئيسية في اللعبة مستوحاة من أبطال فيلم "عدوى"، لذا قررنا اختيار شخصية "طبيبة"، ونعتقد أن استخدام اسم عربي سيساعد في زيادة الإثارة والتحدي بين الفتيات، ويزيد من اهتمامهم بالعلوم والطب والتكنولوجيا والصحة العامة، وهكذا توصلنا لاسم مشروعنا: "د. سارة: مخبر الأمراض".

تطبيق "د. سارة: مخبر الأمراض" سيعرّف المستخدمين بطريقة سردية تحاكي الواقع عن الدور الهام الذي يلعبه المحقق في مجال الاستخبارات الوبائية في فهم واحتواء تفشي الأمراض المعدية، ونسعى من خلال التطبيق إلى تقديم مفهوم جديد لتطبيقات ألعاب الجوّال، حيث لا توجد تطبيقات في السوق حاليًا تحاكي العمل الاستقصائي للمحققين في مجال الاستخبارات الوبائية، كما يختلف منتجنا عن تطبيقات تتبع مخالطي المرضى التي صممتها وطرحها العديد من الحكومات، مثل تطبيق "احتراز" في قطر.

سيشهد المستخدمين في اللعبة، عنصر الاستجواب والعمل البوليسي لوقف انتشار العدوى بشكل بطولي، بينما في الوقت نفسه يتعرفون على المفاهيم الأساسية مثل السطوح الناقلة للفيروس، ومتوسط عدد الأشخاص الذين سيصابون بالمرض من شخص واحد مصاب، وناقلين المرض، وكيفية تتبع مخالطي المرضى. في نهاية المطاف، ستوضح لعبتنا كيف أن تتبع مخالطي المرضى يتطلب عنصرًا إنسانيًا للعمل جنبًا إلى جنب مع التقنيات الرقمية الحديثة والتكنولوجيا. ونود أيضًا أن نثبت أن قضايا الصحة العامة متعددة الأبعاد تعتمد على الخبرات من مجالات مختلفة.

نخطط للاستعانة بمهارات طلاب جامعة نورثوسترن في قطر-إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر- في المشروع، وقد عملنا سابقًا مع عدد من الشباب الموهوبين في مشاريع أخرى، ونرى فرصًا لهم لتولي أدوار مثل إدارة المشاريع، وتصميم الألعاب وشرح اللعبة.

نسعى من خلال التطبيق إلى تشجيع الهدف الأهم للتعليم ككل وهو: الفضول والدافع للتعلم مدى الحياة. كذلك نأمل أن يثير تطبيق لعبة الجوال الجديدة حول تتبع مخالطي المصابين بفيروس كوفيد-19، "د. سارة: مخبر الأمراض"، حماسة الشباب لخوض مغامرة العلم المذهلة.

الدكتور سبنسر سترايكر، أستاذ مشارك مقيم في الإعلام والاتصالات، متخصص في تصميم الوسائط الرقمية، بجامعة نورثوسترن في قطر.

الدكتور آنتو محسن، أستاذ مساعد مقيم في برنامج الآداب الحرة، بجامعة نورثوسترن في قطر، ومتخصص في دراسات العلوم والتكنولوجيا.