للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
دخان يتصاعد بعد غارات جوية إسرائيلية على مدينة غزة، قطاع غزة، فلسطين
مصدر الصورة: Nick_ Raille_07 من Shutterstockخبراء في الطب النفسي في سدرة للطب يشيرون إلى أن الصدمات المتكررة قد تسبب صعوبات في تصور الأفراد لمستقبل آمن لأنفسهم أو لعائلاتهم
كانت المشاعر تتزاحم بداخلها، ولم تجد كلمات كافية لوصف ما يجول في خاطرها، وتعجز عن التعبير عن شعورها ولو بكلمة واحدة، بسبب اعتداءات الجيش الغاصب لمنازل أهلها في فلسطين، هذا ما كانت تعيشه فاتن عاشور، خريجة ماجستير دراسات الترجمة، من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، بجامعة حمد بن خليفة.
بالرغم من أنه ليس وضعًا جديدًا على الفلسطينيين، إلا أن جميع من يتابع هذه المشاهد المحزنة والأخبار المزرية يتأثر بكل ما يحدث في فلسطين
أدى شعورها هذا، إلى زيادة إحساسها بالكآبة وقلة الحيلة بسبب الأوضاع التي كانت تجري في وطنها، فلسطين، وخاصة عند مشاهدة أطفال غزة الأبرياء الذين يتم استهدافهم ببشاعة من قبل الكيان الصهيوني. وقالت عاشور: "بالرغم من أنه ليس وضعًا جديدًا على الفلسطينيين، إلا أن جميع من يتابع هذه المشاهد المحزنة والأخبار المزرية يتأثر بكل ما يحدث في فلسطين".
الدكتور محمد وقار عظيم، رئيس قسم الطب النفسي، في سدرة للطب.
وأردفت عاشور بالقول: "مع انشغالي بأخبار فلسطين وما يجري فيها، كانت فرحة العيد غائبة عني هذا العام، ففي حين يعيش إخوتنا وأهلنا وأبناء وطني، أجواء مرعبة من القصف، والاعتقالات، وتشييع الشهداء الذين يسقطون واحدا تلو الآخر خلال العدوان الإسرائيلي، فكيف لنا أن نفرح بالعيد ونحن نرى أبناء وطننا يشرّدون وتُدمر منازلهم".
ومن جانبه، قال الدكتور محمد وقار عظيم، رئيس قسم الطب النفسي، في سدرة للطب: "تُشعر الصدمات المتكررة الناس بالتشاؤم والهزيمة بسبب تجاربهم الأخيرة وقد يواجهون صعوبات في تصور مستقبل آمن لأنفسهم أو لعائلاتهم. لا توجد طريقة سحرية لتحسين رفاهية الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات متكررة، إلا أن إبعادهم عن البيئة هو الشيء الوحيد المهم لتحسين رفاههم".
كان اهتمامي ينصبّ طوال الوقت في نشر الأحداث التي تظهر قوة وصمود الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني. الأمر الذي، كان يزيدني قوة وعزم ويشعرني بسعادة لقدرتي على مساندة أهل وطني ودعمهم
أضاف الدكتور عظيم: "إذا لم يكن ما سبق ممكنًا، من الضروري أيضًا إيضاح أن البشر يتمتعون بالمرونة، ولكل شخص رحلته الخاصة في إدارة آثار الصدمات، لذلك لا توجد وصفة موحدة تعمل للجميع. وأن ردود الفعل النفسية المؤلمة في الأغلبية عابرة على الرغم من أنهم في البداية قد يشعرون بالإرهاق وعدم القدرة على التعامل مع مجموعة من الاهتمامات العملية والعاطفية".
تابع: "بصفتنا معالجين، نحتاج إلى تسليط الضوء على تلك الجوانب من المواقف التي يتحكم بها الشخص بعض الشيء، ومن المهم أيضًا تذكير الشخص بالتجارب السابقة في التعامل بنجاح مع المواقف العصيبة من خلال معالجة المشكلات وحل مشكلة واحدة تلو الأخرى".
كانت فاتن تتابع باستمرار الأحداث التي تجري في فلسطين، من خلال القنوات التلفزيونية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت ضمن مجموعة من الناشطين الفلسطينيين الذين يقومون بتغطية الأوضاع ونقلها من الميدان للعالم.
تُشعر الصدمات المتكررة الناس بالتشاؤم والهزيمة بسبب تجاربهم الأخيرة وقد يواجهون صعوبات في تصور مستقبل آمن لأنفسهم أو لعائلاتهم
قالت عاشور: "كان اهتمامي ينصبّ طوال الوقت في نشر الأحداث التي تظهر قوة وصمود الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني. الأمر الذي، كان يزيدني قوة وعزم ويشعرني بسعادة لقدرتي على مساندة أهل وطني ودعمهم".
وتابعت: "بالرغم من أنني أعيش في حالة صراع داخلي بين متابعة الأخبار ونشرها للدفاع عن قضيتي الأولى فلسطين، إلا أنني في نفس الوقت كنت أحرص على الاهتمام بصحتي النفسية، لذلك، من وقت لآخر، كنت أحاول الابتعاد عن متابعة القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي لتجنب سماع الأخبار المؤلمة، ولكن رؤيتي لصمود الشعب الفلسطيني وتضامنه الجلي ضد الكيان الصهيوني يجعلني أشعر بالفخر والعزيمة والقوة من هذا الصمود الجامح ومتابعة الأحداث بفخر وعزة".
الدكتور أحسن نظير، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في سدرة للطب.
من جهته، يوضح الدكتور أحسن نظير، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في سدرة للطب، قائلاً: "خلال العقود القليلة الماضية، سهّل التطور التكنولوجي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي توزيع الصور ومقاطع الفيديو غير المفلترة أو المسجّلة في الوقت الفعلي لوقوع الحدث، والتي يمكن للأشخاص في جميع أنحاء العالم الوصول إليها في أي وقت، كما أن نشر هذه الصور يجعلها تجربة جماعية عالمية، ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن يزيد أيضًا من المخاوف والقلق لدى عامة السكان" ، مؤكدًا على أن التعرض المحدود للأخبار المتعلقة بالحرب وأخذ المعلومات من مصادر موثوقة نصيحة أساسية في هذا الموقف.
أظهرت الأبحاث أن زيادة التعرض للمحتوى من خلال الصور يزيد من احتمالية استمرار مشاكل الصحة النفسية
وأشار الدكتور نظير أيضًا إلى أن للحروب عواقب واسعة النطاق على صحة المدنيين ورفاههم، قائلًا: "أظهرت الأبحاث أن زيادة التعرض للمحتوى من خلال الصور يزيد من احتمالية استمرار مشاكل الصحة النفسية والضعف الوظيفي، والتسبب ببعض النتائج النفسية للتعرض تشمل الأفكار المتطفلة، المخاوف، القلق، وزيادة الاستثارة الفسيولوجية والنفسية، ومشاكل القلب".
ووضح الدكتور نظير، أن الحد من التعرض لوسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام الرئيسية هو الاستراتيجية الأساسية للتصدي لهذا النوع من الصدمات. بالإضافة إلى ذلك، من المهم أيضًا للأشخاص الذين يتعرضون مرارًا وتكرارًا للأخبار والصور المؤلمة، أن يدعموا بعضهم البعض، ويحافظوا على روتينهم اليومي قدر الإمكان، ويدركوا أن القلق والتوتر، بدلاً من مساعدة أحبائهم في المناطق التي مزقتها الحرب قد يسبب المزيد من الارتباك في حياتهم".
فاتن عاشور، خريجة ماجستير دراسات الترجمة، من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، بجامعة حمد بن خليفة.
اختتم الدكتور نظير، قائلًا: "بمجرد خروج الناجون في مكان آمن وابتعادهم من منطقة الحرب، من المهم الاتصال بهم في الأيام والأسابيع التي تلي الصدمة لمساعدتهم على إدارة قلقهم ومخاوفهم حتى يتمكنوا من التعامل مع الأحداث المجهدة المستمرة بطريقة أفضل".
أشار الدكتور نظير إلى أن الدعم المقدم من جميع أنحاء العالم لأبناء فلسطين، والخدمات المجتمعية هم عوامل حماية قوية وتعزز تعافيهم، وهناك العديد من أشكال الدعم المختلفة، على سبيل المثال، كالدعم العاطفي، والدعم المادي والجسدي، ودعم الناجين وإنشاء شعور بالانتماء إلى قضيتهم والدفاع عنها.