ثلاثة آلاف عامل في مؤسسة قطر يختارون ممثلين عنهم في "تشاور"

يتلقى العمال الوافدون العاملون في الشركات المتعاقدة مع مؤسسة قطر تدريبًا مكثفًا حول ممارسة حقهم بالتعبير عن رأيهم في بيئة عملهم، وهم بذلك أول من يتلقى تدريبًا كهذا في الدولة، إذ تضم اللجنة العمالية المشتركة المركزية في مؤسسة قطر، المعروفة باسم "تشاور" 30 عاملًا، منهم 15 ممثلًا منتخبًا من قبل العمال و15 ممثلًا عيّنتهم الإدارة، يمثلون جميعًا نحو 3000 عامل، للتعامل مع القضايا المتعلقة بالعمّال مثل تنظيم العمل، والصحة والسلامة، والخدمات الاجتماعية.

كارتيك ماندل، حرفيّ ويعمل بالأشغال اليدوية، وهو من نيبال وعضو في اللجنة المشتركة، حيث يُمثّل 130 عاملًا، وهو ينحدر من أسرة يعمل أفرادها في القطاع الحكومي والمجتمعي، لذلك لم تُشكّل المسؤولية المنوطة بانتخابه مفاجأة له. الأمر الذي كان طبيعيًا بالنسبة لكارتيك، كان أمرًا جديدًا كليًا بالنسبة لبايجو تانكاشان، الذي انتُخب أيضًا ممثلًا عن العمال، وهو طاهٍ من الهند متخصص في صناعة الحلويات. ويعمل كلاهما لدى أحد مزوّدي خدمات إدارة المرافق في مؤسسة قطر.

يقول بايجو: "في البداية، لم أفهم الأمر، ولكن بفضل مؤسسة قطر، وممثلين عن منظمة العمل الدولية، ووزارة العمل، حضرنا العديد من الدورات الإعلامية والتدريبية لمعرفة أهمية وجود هذه اللجنة ودورها في المساعدة لتعزيز التواصل ومواجهة التحديات المتعلقة بالمهام الوظيفية".

لقد كان الهدف واضحًا، بالنسبة لبايجو وكارتيك على حد سواء؛ وهو إيصال صوت العمال وتحسين رفاههم.

ويقول كارتيك: "لقد وضع زملائي العمال ثقتهم بي حين صوّتوا لي، وهو شعور رائع، لكنه مصحوب بمسؤولية كبيرة، فأنا أمثّل نحو 130 عامل وأحرص على التحدث شخصيًا مع كل واحد منهم بانتظام؛ لمعرفة ما يواجهونه من تحديات؛ فأتمكن من مساعدتهم بالتعاون مع اللجنة ".

وبحسب بايجو، توفر اللجنة، إلى جانب التعامل مع قضايا العمال، فرصًا قيّمة للتعلم، مما ساعده على تعزيز كفاءته في أداء عمله اليومي. ويشرح بايجو: "تعلّمت مهارات قيّمة كالسلامة في المطبخ، وإدارة الوقت وتفويض المهام. وأنا ملتزم بنقل ما تعلمته إلى العمال الذين أُمثّلهم بحيث يمكن لكل واحد منا التحسن والارتقاء مهنيًا".

ويجري تشكيل اللجان المشتركة في قطر بدعم من وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية. ويقيم في قطر أكثر من 2 مليون عامل وافد، حيث تشكل العمالة الوافدة نحو 95 بالمائة من إجمالي القوى العاملة في البلاد. ولا شك أن اجتماع الاغتراب مع الإجهاد البدني الناتج عن العمل، وضيق الوقت، والعوامل المناخية، يعني بالضرورة وجود شكاوى تتطلب سماعها وحلها، وإلا فإنها ستنال من معنويات العمال.

ويكمن الهدف من تشكيل اللجان المشتركة في تحسين النظام الحالي وتعزيز رحلة قطر نحو تحقيق معايير أعلى للرفاه العمالي. وتعتبر اللجان المشتركة المرحلة الأولى لتلقي الشكاوى الجماعية، ويتمثل هدفها الأول في إشراك العمال في عمليات اتخاذ القرار في الشركات. وتمثّل هذه اللجان، التي تضم عددًا متساويًا من الممثلين عن العمال والإدارة، منبرًا للحوار المنتظم بين الموظفين المنتخبين والإدارة. وتعرض القضايا التي تواجه العمال على الإدارة، والتي تعمل بدورها مع العمال من أجلها بكفاءة وودية.

في شهر يونيو من هذا العام، أكملت مؤسسة قطر اجتماعها السابع للجنة "تشاور"، لجنة الاستشارات الإدارية المشتركة للمتعاقدين الرئيسيين معها.

وفي 21 أبريل 2019، أعلنت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية القطرية سابقًا قرار رقم 21 لسنة 2019 حول تنظيم شروط وإجراءات انتخاب ممثلي العمال في اللجان المشتركة، والذي كان خطوة هامة نحو إعطاء العمال مساحة للتعبير عن رأيهم في مكان العمل.  

بدورها، تقول ماري جوزي الطياح ، أخصائية الحوار الاجتماعي في مكتب منظمة العمل الدولية في الدوحة: "كرّست مؤسسة قطر الضوابط حين جعلت اللجان المشتركة شرطًا إلزاميًا للمتعاقدين معها. ومن خلال منصة تشاور، يُساعد الحوار المنتظم بين الإدارة والعمال على مستوى المتعاقدين مع مؤسسة قطر، في رحلة تعزيز إنفاذ الإصلاحات العمالية التي شرعت بها دولة قطر في السنوات الأخيرة".

وتتابع، "لقد شكّل هذا تحسنًا كبيرًا في مستوى التعلّم لدى المتعاقدين، ولدى كل من الإدارة والعمال، وما يزال هناك فرصة كبيرة للتحسين. وسنواصل العمل مع وزارة العمل، وإدارة الصحة والسلامة والبيئة في مؤسسة قطر، من أجل تنقيح برنامج التدريب وتوسيع نطاقه ليشمل المتعاقدين الجدد بمجرد انضمامهم إلى مؤسسة قطر".

يقول ستيفن بريغ، المدير التنفيذي لإدارة الصحة والسلامة والأمن والبيئة في مؤسسة قطر، والمتخصص في رفاه العمال في المؤسسة: "تمثل اللجان المشتركة خطوة مهمة نحو ضمان إيصال صوت العمال وفهم مطالبهم. ومن خلال الدعم الذي تقدمه كل من وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية والتعاون الوثيق معهما، استطعنا إنشاء منصة تمكننا من العمل سوية على قضايا العمال"

ويضيف، "وضع معايير قوية للصحة والسلامة يستغرق وقتًا ويحتاج دعمًا وتعاونًا من مجموعة كبيرة من الجهات المعنية في مؤسسة قطر، واللجان المشتركة خطوة مهمة في هذا الاتجاه".

يشعر كارتيك أن تشكيل اللجنة المشتركة وفّر الرابط المباشر والمطلوب بين العمال والإدارة العليا، ويقول: "نشعر الآن أن هناك من يسمع صوتنا، الأمر الذي ترك أثرًا إيجابيًا على معنويات العمال. وسواء كانت المشكلة متعلقة بالغذاء الذي نأكله في مساكن العمال أو متعلقة بالقضايا الأكبر مثل الإجازات الطارئة، فإن العمال يعلمون بوجود نظام يدعمهم ويساعدهم، وهو أمر رائع بالنسبة لنا جميعًا".

ويرى ستيفن أنه من الطبيعي ألا يحدث تغير المواقف والسلوكيات بين ليلة وضحاها: "نريد الاستمرار في إيصال رسالتنا بوضوح إلى كافة المتعاقدين، ومفادها أن صحة وسلامة ورفاه الجميع هي أولويتنا القصوى".