مؤسسة قطر تدعم الشباب وتُعدّهم لمتغيرات سوق العمل في ظل الجائحة العالمية

يمرّ قطاع الأعمال بتحوّلات غير مسبوقة منذ بدء أزمة جائحة (كوفيد-19)، التي وضعت تحديات عديدة أمام الكثير من الصناعات، وكذلك أمام سير مجريات العمل على النحو المعتاد، ما تسبّب في ركود بعض المجالات وازدهار بعضها الآخر.

في هذا السياق، يتناول خبراء الإرشاد والتطوير المهني بمركز قطر للتطوير المهني، عضو مؤسسة قطر، أثر الجائحة في إعادة رسم خارطة الأعمال، وكيف يمكن للخريجين الجدد والطلاب الاستعداد للحياة المهنية واغتنام الفرص في ظل المتغيّرات التي طرأت على سوق العمل والتي من المتوقع استمرارها لبعض الوقت.

وتقول إيفروسيني ديميتريوس بارامبوتا، خبيرة الإرشاد والتطوير المهني في مركز قطر للتطوير المهني: "لقد أدّى الضغط الحادّ الناجم عن تفشي جائحة (كوفيد-19) إلى تسريع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية التي كانت جارية بالفعل منذ اجتياح الثورة الصناعية الرابعة لعالمنا، التي جعلت التكنولوجيا الحديثة لاعبًا أساسيًا في إعادة تشكيل خريطة الوظائف والمهارات، وكان لها تأثير على حجم القوى العاملة وتكوينها".

من هذا المنطلق، تعتقد بارامبوتا أن مستقبل سوق العمل سيشهد طلباً متزايداً على الوظائف الخاصة بالتكنولوجيا ومجالات العلوم والهندسة والرياضيات، مثل محللي وعلماء البيانات، ومتخصصي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ومهندسي الروبوتات، ومطوري البرامج والتطبيقات، بالإضافة إلى متخصصي التحول الرقمي الذين يقومون بدور محوري في ظل التغيرات الحالية ومن المتوقع ازدياد الحاجة إليهم في المستقبل. كما سيكون هناك طلب أيضًا على وظائف التعلم والتطوير وفقًا لأحدث تقرير صدر عن منصة "لينكد إن" في أواخر عام 2020، إلى جانب الطلب على المهندسين في كافة الصناعات لاسيما مع ازدياد العمليات الرقمية، وخبراء الأمن السيبراني لحماية المؤسسات من الهجمات المحتملة.

أما فيما يتعلق بالقطاع الصحي، فتقول بارامبوتا: "لقد كشف الوباء أيضًا عن الأهمية الحاسمة لكادر الأطباء والممرضات والمساعدين الطبيين، والمدرسين ومساعدي التدريس ومتخصصي الخدمات الاجتماعية. بالإضافة إلى وظائف خدمة العملاء في مجموعة متنوعة من المجالات، مثل علم النفس، وإعادة التأهيل والدعم الأسري، هذا إلى جانب الأهمية المتزايدة على وظائف التوجيه والتطوير الوظيفي لمساعدة الأفراد على تحديد أهدافهم، وتعزيز مهاراتهم والحفاظ على التنافسية".

أما عن كيفية مواجهة شباب الخريجين لتحديات اختيار المسار المهني، والبحث عن فرص العمل المناسبة، فتعتقد بارمبوتا أن الحصول على الشهادة الجامعية هو ليس سوى نقطة البداية، ذلك أن مبدأ التعلّم لمدى الحياة والارتقاء المستمر بالمهارات سيكون هو المعيار الذي سيحدد قدرة الأفراد على التكيف والنجاح في المستقبل.

وتقول: "أحد أهم النقاط التي يجب على الشباب الانتباه إليها هو الحصول على الشهادات المصغّرة– حيث توجد مجموعة كبيرة من الدورات التدريبية المتنوعة عبر الإنترنت التي تقدمها جامعات مرموقة أو مؤسسات مهنية، وكذلك هناك فرص متاحة للتدريب المهني. فإن إثبات الكفاءة في معرفة ما، أو في اكتساب مهارة معينة وتوثيقها بشهادة معتمدة، يتم إضافتها للملف الشخصي أو السيرة الذاتية على الإنترنت يعتبر عنصر هام لجذب انتباه وكلاء التوظيف".

بالإضافة إلى مبدأ التعلّم مدى الحياة، تتضمن خطوات البحث عن فرص عمل في الوقت الحالي عددًا من الآليات التي يمكنها دعم الشباب في مهمتهم وفقًا لبارامبوتا، حيث تقول: "في الوقت الحاضر، يطبق القائمون على التوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي لفحص السير الذاتية. لذلك من المهم للباحث عن عمل استخدام الكلمات الرئيسية من الوصف الوظيفي الفعلي، ونسخ ذات اللغة والمصطلحات في سيرتهم الذاتية. كما يجب أن تعكس السيرة الذاتية أسباب كونك المرشح الأنسب لهذا الدور. ومثل أي محتوى كتابي، يجب أن تجذب مقدّمة السيرة الذاتية المسؤول عن التوظيف من خلال ملخص حول ما يمكن للمرشح تقديمه لتلك الوظيفة، وما يميزه في هذا الدور، بما في ذلك المهارات الأساسية ذات الصلة بالوظيفة".

وتردف بالقول: "يعد إرفاق محفظة افتراضية لمشروعات ما قبل التخرج، تضم الأوراق الرئيسية التي عملوا عليها كطلاب ميزة إضافية، حيث يمكنها تسليط الضوء على أنواع المهارات التي يبحث عنها العديد من أصحاب الأعمال كمهارات التواصل، والكتابة، وإدارة الوقت، والتركيز، وإدارة المشاريع، والعمل المشترك، والبحث. حيث يرغب معظم مسؤولي التوظيف في معرفة إنجازات المرشح للعمل، لذلك من المهم تتبُّع أي معالم يمكن قياسها في عملهم أو مشروعهم أو تدريبهم الحالي".

وتعتبر بارامبوتا أن التواصل هو العنصر الأهم على الإطلاق، وأنه ينبغي على الشباب الباحثين عن العمل التواصل مع الموظفين الحاليين، والتفاعل بصورة إيجابية وداعمة مع الآخرين لبناء الثقة، وإبداء رغبتهم لأرباب الأعمال على التقدم لشغل وظيفة حالية أو مستقبلية. فتقول: "إن التواصل الشخصي، ومعرفة الشواغر، والمبادرة بإرسال الملف الشخصي ومرفقاته إلى جهات العمل قد يكون هو الإجراء الأكثر أهمية في البحث عن فرص العمل، وهو الإجراء الذي قد يضع سيرتك الذاتية على قمة منصات التوظيف الافتراضية أو بالقرب منها".