كيف ساهم كوفيد-19 في تغيير تقاليد حفلات الزفاف؟

لم تُعد إقامة المناسبات الاجتماعية وحفلات الزفاف المخطط لها في عام 2020 أمرًا واقعيًا بعد أن اجتاحت جائحة كوفيد-19 العالم، مما وضع الأفراد المقبلين على الزواج وأسرهم تحت ضغوطات كبيرة وتحديات لم تكن بالحسبان.

القيود التي فرضتها الجائحة على التجمعات الاجتماعية إضافةً إلى فرض القيود على رحلات السفر والتنقل أجبرت الأفراد المقبلين على الزواج على حسم قرارهم: إما تأجيل الاحتفال حتى تعافي العالم من هذا الوباء، أو تغيير خططهم والاستغناء عن بعض طقوس ومظاهر الزفاف المعتادة بما يتناسب مع ظروف المرحلة. بالنسبة لأفراد مجتمع مؤسسة قطر، اختلفت اتجاهات التعامل مع الأزمة، وتغيّرت الكثير من المفاهيم والمعتقدات بالنسبة إليهم.

تقول دانة الطويل، أخصائية تسويق استراتيجي في مؤسسة قطر، والتي كانت تعتزم إقامة حفل زفافها في شهر مايو 2020: "عندما بدأت جائحة فيروس كورونا في التفشي في العالم، لم نتوقع يومًا بأنها قد تؤثر على خططنا. كنا نعتقد بأنها تحدث في مكان آخر في العالم، حتى عندما تفاقم انتشار الوباء، لم نتخيّل بأن حجم الأزمة سيمتد إلى هذا الحد".

من جهته يقول زوجها، سباستيان جروت فان إمبدن: "كان المخطط أن يُقام الحفل في اليونان كمكان تجتمع فيه عائلاتنا المتفرقة حول العالم، فأنا من أصول بريطانية وهولندية، ودانة من أصول فلسطينية وتقيم أسرتها في كندا، وكنا نرغب في قضاء إجازة مع العائلة والاحتفال في آن واحد".

تقول دانة بأنها لم تدرك حقيقة الوضع إلا بعد أن اضطرت إلى إلغاء رحلتها إلى المملكة المتحدة لحضور حفل زفاف أحد الأصدقاء في شهر مارس، حيث كانت ذروة انتشار الفيروس في العالم، وتعلّق: "أدركت عندها أن الجائحة باتت تؤثر على جوانب حياتنا الطبيعية، كالصعود على متن الطائرة أو الاجتماع مع الأشخاص".

لا شك في أن التحوّل المفاجئ الذي طرأ على العالم وما تسبب به من إلغاء الترتيبات أو إعادة جدولتها بعد قضاء شهور طويلة في الإعداد والتحضير لهذا اليوم، شكّل خيبة أمل كبيرة للشباب المقبلين على الزواج. وعلى الرغم من ذلك، استطاع العالم التأقلم والتعامل مع هذه الأزمة بشكل سريع، وذلك ساعد دانة في التغلب على مخاوفها وإدراك الكثير من الأمور.

وتقول: "كلّ ما كان يحصل في العالم مكننا من وضع الأمور في نصابها الصحيح، وتحديد ما هو المهم بالنسبة بنا، وإعادة ترتيب أولوياتنا. نحن نعيش في زمن تكثر فيه الضغوط والمطالب الاجتماعية، وقد نشعر أحيانًا أنه من الواجب علينا أن نلبيها ونلتزم بها. ولكن اليوم، العالم كله يواجه أزمة وتجربة واحدة، والدرس الذي تعلمته هو أنه لاشيء أهم من أن تكون سعيدًا وتنعم بصحة جيدة".

وتضيف: "من حسن حظنا أن منظمو الحفل كانوا متعاونين للغاية، ولم نتحمل أي خسارات أو أعباء مالية، وهذا دفعنا إلى التمسّك بخططنا وتأجيل الاحتفال حتى العام المقبل، خاصة لأننا نرغب في أن تكون عائلتنا معنا، لكننا لم نعد نتهم بالتفاصيل بعد الآن، وسوف أكون راضية كيفما سارت الأمور".

بالنسبة لديمة وهبة، خريجة دفعة عام 2015 من جامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، الدرس الذي تعلمته هو أنّنا "لايجب أن ننتظر لنبدأ حياتنا".

كانت ديمة أيضًا تنوي إقامة حفلها زفافها في الخارج في تركيا في شهر يوليو 2020، لتجتمع عائلتها من حول العالم للاحتفال بهذا اليوم، لكنها بدأت في إعادة التفكير في خططها بعد أن وصلت الجائحة إلى قطر.

يقول زوجها هيثم ملكاوي: "كانت كلّ تذاكر السفر وحجوزات الفنادق جاهزة، وكنا ننتظر ونأمل أن تتحسن الظروف، وكان من الصعب تحديد موعد آخر بسبب اضطراب الوضع وسرعة تغيره".

قرر الثنائي تغيير خططهم والتفكير في حلول أخرى، وتقول ديمة: "قررنا إقامة عقد القران في شهر أبريل، وأقمنا احتفالاً رقميًا عبر تقنية "زووم"، وشارك في أكثر من خمسون شخصًا حول العالم، من كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأردن وفلسطين، وكان عبر 3 شاشات لأسرتينا وأصدقائنا".

وتضيف: "كان من الصعب أن نرى حزن أهلنا وأصدقائنا لعدم تواجدهم معنا شخصيًا، لكنهم جميعًا شاركونا من منازلهم، وكانوا مستعدين للاحتفال. تلك تجربة سوف تطبع في ذاكرتنا ونتحدث عنها في المستقبل".

على الرغم من الاحتفال الرقمي، لم تخلو التجربة من دواعي القلق، فبالإضافة إلى عدم استرداد المبالغ المدفوعة للحفل الأصلي حتى الآن، كان أكثر ما تسبب في القلق هو تغيير الخطط والتعايش مع الظروف الجديدة.

تقول ديمة: "اضطررنا إلى شراء الأثاث وكل مستلزماتنا عبر الإنترنت، حتى المجوهرات، فكل شيء كان مقفلاً بسبب الإجراءات الاحترازية ضد الفيروس، ولم يكن ذلك أمرًا سهلاً".

وجهت ديمة رسالة إلى كلّ الشباب ممن يعيشون نفس التحدي وقالت: "هذه الجائحة علّمتنا ألا ننتظر لنبدأ حياتنا، علينا أن نبدأ الآن، فنحن لا نعلم متى سوف سنتهي هذا الوباء، أو ربما قد يطرأ أمر آخر لم نضعه في الاعتبار. علينا أن ننظر إلى الصورة النهائية، فالتفاصيل قد تكون مهمة أحيانًا ولكن ليس في ظل هذه الظروف، والحياة يجب أن تمضي قدمًا".

وتتابع: "يوم الزفاف يرتبط بسعادة الزوج والزوجة، ولايجب أن يكون مرتبطًا بالمظاهر الأخرى التي يفرضها علينا الآخرون".

يعتزم الثنائي إقامة حفل عائلي بعد إنتهاء الأزمة، ووفقًا لديمة: "نوّد فقط أن نحتفل مع عائلتنا، فمن حقهم أن يحتفلوا بهذا اليوم ويشاركونا الفرحة".