المعلمون.. أبطال مجهولون في مدارس مؤسسة قطر خلال الجائحة

أربكت جائحة كوفيد-19 الناس حين اجتاحت العالم في السنة الماضية؛ وبصرف النظر عن وظائفهم، فقد وجد كل شخص نفسه بحاجة إلى التعرّف على نموذج العمل الجديد الذي سيتّبعه، ومدى إمكانية نجاحه.

وكان التحدي الذي واجه المعلمين أكبر من ذلك؛ إذ تعيّن عليهم اتخاذ قرارات فورية والخروج بحلول مبتكرة بين عشية وضحاها لضمان استمرار عملية التعلّم لطلابهم كالمعتاد، وفي الكواليس، كان عليهم الحفاظ على دوران عجلة العديد من الأنشطة.

تقول هيذر لانغ، مديرة التعليم والتعلّم في أكاديمية قطر - السدرة، إحدى مدارس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، مُستذكرة أول أيام الانتقال إلى التعليم الإلكتروني السنة الماضية: "أتذكر الجلوس في غرفة مع طفلي البالغ من العمر عامين، محاوِلةً تعليمه، والإجابة على رسائل البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى الرسم بالإصبع لطلاب الحضانة على تطبيق زوم في الوقت نفسه، وفيما زوجي يعمل في الغرفة المجاورة في منزلنا".

تضيف: "كنت أعمل ساعات طويلة على حاسوبي، أكثر بكثير من يوم العمل الاعتيادي، من أجل مساعدة طلابي على المتابعة عبر البريد الإلكتروني وتطبيق زوم، ووضع الخطط التدريسية، وتتبع الحضور، وتنسيق أعمال فريق العمل. كنت أتلقى بين 200 إلى 300 رسالة بريد إلكترونية في اليوم الواحد من أولياء الأمور، والمعلمين والطلاب الذين يحتاجون إلى الدعم، وكنت أبذل قصارى جهدي لإدارة دوري الوظيفي وتدبّر أمر عائلتي. ومن أجل الحفاظ على توازني، كنت أخرج من المنزل من أجل المشي ليلًا، مبتعدةً عن التكنولوجيا، بصحبة طفلي".

وكان الأمر عينه، بالنسبة إلى علي شاه، مدرس الصف الثاني عشر، في أكاديمية قطر - الخور، إحدى مدارس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، الذي يقول: "في عطلة الربيع عام 2020، وبعد وقت قصير من انتشار الجائحة، سافرت إلى دياري في المملكة المتحدة، ولم أتمكّن من المغادرة نظرًا إلى تفاقم الأوضاع في ذلك الوقت. وبالتالي، بقيت أُدرّس من المملكة المتحدة لبقية العام الدراسي".

ومع أن علي اعتاد دومًا دمج التكنولوجيا في دروسه، فقد كانت المرة الأولى التي يعطي فيها الدروس بشكل كامل عبر الإنترنت، حيث يقول: "أبتسمُ بمجرد التفكير بذلك - كنت أركض في المنزل بحثًا عن سماعات الرأس إذ خذلتني التكنولوجيا".

ويتابع قائلًا: "استعرت حاسوب جاري المحمول لمدة أسبوع لضمان تحضير دروسي وجاهزيّتها للطلاب. من وجهة نظر تعليمية، كان استخدام تطيبقات مثل زوم وجوجل كلاس روم صعبًا قليلًا، بعد ذلك توجّب علينا تعلّم كيفية استخدام منصات أخرى لاعتبارها خيارات أأمن. أما الآن، فقد أصبح عقد الاجتماعات على الإنترنت هو العرف السائد. وبالنسبة لي، يُظهر ذلك قدرة البشر على التكيّف وكيفية اكتشاف حلول للمشكلات".

ويضيف علي: "من المواقف الطريفة التي أتذكرها خلال أول درس على الإنترنت للصف 12 أنني استعرت اللوح الأبيض من ابنتي الصغيرة التي تبلغ من العمر 5 سنوات لاستخدامه في الدرس. لم يستطع الطلاب إخفاء ضحكاتهم بسبب الحيوانات المرسومة على كامل اللوح في الوقت الذي كنا نناقش فيه مفاهم رئيسية في الأعمال".

ورغم الصعوبات التي واجهت المعلمين في بداية تعاملهم مع طريقة التعليم الجديدة، وخاصة الذين يعلّمون فئات عمرية أصغر، فقد اكتسبوا مهارات كان من الممكن أن يستغرقوا سنوات لتعلّمها لولا الجائحة. وبهذا الصدد، تقول لمى فرنجية، مدرسة اللغة العربية في أكاديمية قطر - السدرة: "عملت هذه التجربة على تحسين قدراتي في استخدام التكنولوجيا لإعطاء الدروس افتراضيًا، إذ كان عليّ أن أتعلم إعادة صياغة الدروس، والتعامل مع الاستفسارات اليومية أو الأسبوعية حول الأدوات التقنية المناسبة التي تناسب احتياجات الطلاب".

وتتابع: "رغم الصعوبات التي قد تكون واجَهَتني خلال الجائحة، فقد تعلّمت وتطوّرت وحققت أهدافي. وقد ساعدتني أيضًا لأكون دومًا مستعدة لأي تغييرات قد تحدث في مجال التعليم".

وتشدد لمى على المساندة المستمرة التي أبداها أولياء أمور طلاب أكاديمية قطر - السدرة رغم التعديلات والتحديثات المتكررة على طريقة التدريس: "لطالما كان أولياء الأمور من أولوياتي، إذ كانوا مدركين لهذه التحديثات التي سهّلت عملي".

وتضيف: "كان مهمًا للغاية أن يتبلور لدى أولياء الأمور فهم واضح حول طرق التدريس الجديدة التي أقدمها لأطفالهم، حتى وإن كلفني ذلك مزيدًا من العمل من أجل تحضير الفيديوهات التي تشرح كيفية استخدام الأدوات التقنية مع أطفالهم في المنزل".

وتسلط هيذر الضوء على المرونة الكبيرة التي اكتسبها المعلمون، وكيف صار التكيّف إحدى مهارتهم الجديدة: "لعب معلّمونا دورًا محوريًا في التكيّف مع الجداول الجديدة التي كانت في بعض الأحيان تصلهم عبر البريد الإلكتروني في وقت متأخر يوم السبت أو صباح الأحد. وعملنا، بوصفنا الفريق القيادي، خلال عطلة نهاية الأسبوع من أجل عملية التحوّل وتجهيز الموظفين والطلاب للإرشادات الجديدة".

ويرى علي أن الجائحة أنعشت الإبداع والعمل بروح الفريق بين المعلمين: "كان الإبداع مطلوبًا في كل جانب من جوانب التدريس لأن المطلوب لم يكن إعطاء درس بكامل مضامينه فقط، بل أيضًا درسًا ممتعًا بالنسبة للطلاب"

ويتابع: "كان العمل بروح الفريق واضحًا تمامًا خلال هذه الفترة، فقد كنت أشارك مواردي مع زملائي الموجودين في أستراليا والعكس بالعكس؛ إذ أنشأنا مجموعة عبر تطبيق "واتساب" لمشاركة كل الموارد والممارسات القيّمة لضمان استعداد طلاب الصف 12 للبكالوريا الدولية والاختبارات التحضيرية".